غزة تنزف وحدها ... وتعلم الأحرار معنى الصمود

لقد كانت الأصوات الهادرة في العواصم العربية والإسلامية مع كل عدوان على غزة الأبية، ترسل إلى الكيان الغاصب رسالة واضحة أن غزة لا تمثل مليونا ونصف المليون من البشر يسكنون فيها، بل تمثل مليارا ونصف المليار من البشر ينتشرون في كل شبر على كوكب الأرض، لكن حالة الانكفاء على الذات التي أصابت معظم العواصم العربية فشغلتها عن التفاعل مع القضية المحورية لكل الأحرار في العالم، جعلت غزة تنزف هذه المرة وحدها، وينزف معها كل من يشعرون بالعجز حسرة وألما، لأـن عيونهم بمأساتها بصيرة وأيديهم عن الفعل المؤثر كليلة.
لكن هل يسقط فعلا واجب النصرة عن المسلمين لأنهم من أصحاب الأعذار، أو هكذا يظنون، إن الروح المسيطرة على غالب أهل الإسلام اليوم هي أننا عاجزن وليس بيدنا حيلة، ولعل الإسلام يعلمنا بحكم الصلاة التي لا تسقط عن مكلف في حال الصحة والمرض، في الحل والسفر، في البرد والحر، من قيام أو قعود أو مضطجعا، أن من الواجبات ما لا تسقطه الأعذار.
• فالحديث مع من استطعت عن القضية واجب لا تسقطه الأعذار، فإن لم تجد فمع نفسك، ففي الحديث {من مات ولم يغز، ولم يحدث به نفسه} (صحيح مسلم: 1910).
• وغرس القضية في الأبناء واجب لا تسقطه الأعذار، فإن لم نكن الجيل الذي سيواجه الاحتلال ويحرر الأرض، ويصون العرض، فليس أقل من أن نورث أبناءنا قضية حية وحقا واضحا لا لبس فيه، لم تلوثه دعايات الاحتلال وأذنابه.
• ومشاركة أهل غزة لقمة من طعامك، وبعضا من فراش بيتك، وقطعة مما تلبسه وأبناؤك، واجب لا تسقطه الأعذار، وهو من أجلك وليس من أجلهم.
• والدعاء والإلحاح فيه، وفعل الطاعة بنية نصرة غزة وأهلها، واجب لا تسقطه الأعذار، ولا يحول بيننا وبينها ظالم ولا حاكم.
وتلك أمثلة وبعض من كل، ومن رُزِق الهمَّة، هَدَاهُ الله الحِيَل.